بقلم: سعيدة الزمزمي
تصوير وتركيب: محمد امين زنطور
مع زيادة ارتفاع موجات الحرارة و تعدد الظواهر المناخية كالجفاف ونقص الغذاء و حرائق الغابات، يعد التبريد المستدام الحل الأنسب للتغلب على الحرارة لحماية كوكب الأرض والغلاف الجوي من الاحتباس الحراري من خلال التخلص من المبردات الهيدروفلوروكربونية ( اتش اف س) HFC الى مبردات صديقة للمناخ وهو ما يساهم مباشرة في الاقتصاد في الطاقة و المحافظة على الامن الغذائي .
في هذا الاطار تشير التقارير الدولية الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة أن التقنيات المعتمدة في التبريد الصديقة للمناخ يمكن أن تشكل 460 مليار طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول سنة 2060 كما يمكن أيضا بحلول سنة 2030 تجنب الانبعاثات أي ما يعادل 1600 محطة طاقة متوسطة الحجم تستخدم في أوقات الذروة .
إضافة الى ذلك بينت المعاهدة البيئية ” بروتوكول مونتريال ” أن اول تهديد الغلاف الجوي لكوكب الأرض هو مركبات الهيدروفلوروكربونية والغازات المرتبطة, كما اقر تعديل كيغالي لسنة 2016 الاجراء الالزامي للبرتوكول مونريال ضرورة التخلص تدريجيا من المركبات “اتش اف س ” وتجنب حوالي 0.5 درجة مئوية من الاحتباس الحراري بحلول 2100.
ان الطلب المتزايد على التبريد من خلال استخدام تجهيزات التكييف والبرادات والأجهزة ذات الصلة يصل إلى حدود 3,6 مليار لتلبية حاجيات العالم من التبريد ومن المتوقع أن يرتفع إلى 14مليار وحدة تبريد بحلول سنة 2050 يحتاج إلى التعمق في المخاطر الناجمة وراء ذلك، اضافة الى التأثيرات السلبية على الأمن الغذائي و الطاقة في ظل الظاهرة الكونية المناخية. وهو ما يقتضي الانتقال من التبريد التقليدي الى التبريد المستدام.
في هذا الصدد اشارت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحددة للبيئة ” انجار اندرسون” “في الوقت الذي يتعين فيه على المجتمع الدولي العمل للتصدي لأزمة المناخ وأزمة الأغذية، بإمكان سلاسل التبريد المستدامة للأغذية أن تحدث فارقًا كبيرًا. فهي تتيح لنا الحد من الفاقد من الأغذية وتحسين الأمن الغذائي، وإبطاء وتيرة انبعاثات غازات الدفيئة، وخلق فرص العمل، والحد من الفقر وبناء القدرة على الصمود، وكل ذلك في الوقت نفسه”.
و من جهته، قال المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة، شو دونيو، “يمكن لسلسلة التبريد المستدامة للأغذية أن تحدث فارقًا هامًا في جهودنا الجماعية الهادفة إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة. ويمكن لجميع أصحاب المصلحة المساعدة في تنفيذ نتائج هذا التقرير، لتحويل النظم الزراعية والغذائية لجعلها أكثر كفاءة وشمولًا وقدرة على الصمود واستدامة من أجل إنتاج أفضل، وتغذية أفضل، وبيئة أفضل، وحياة أفضل للجميع، من دون ترك أي أحد خلف الركب”
من التبريد التقليدي إلى التبريد المستدام لضمان الأمن الغذائي
في السنوات الأخيرة ولمجابهة ازمة المناخ و التكيف معه، تحولت كبرى المؤسسات الصناعية والمنظمات البيئية الى التبريد المستدام والصديق للمناخ من خلال الاعتماد على التجهيزات والتقنيات الحديثة. دون ان ننسى التحالف من اجل التبريد ، الى جانب مكونات المجتمع المدني والحكومات التي سلطت الضوء على هذه المسالة بقيادة برنامج الأمم المتحدة للبيئة وبالشراكة مع منظمة الأغذية والزراعة وأمانة الأوزون، وبرنامج عمل الأوزون التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، والتحالف المعني بالمناخ والهواء النقي (Climate and Clean Air Coalition).
خطوات متقدمة لتونس في التدريب والاشهاد في التبريد المستدام
تواصل تونس مجهوداتها في التقليص من استخدام مبردات الهيدروفلوروكربونية “اتش اف س” طبقا للالتزامات التي صادقت عليها ضمن برتوكول مونتريال و تعديل كيغالي. حيث بلغت نسبة التخفيض من استهلاك اتش اف س” إلى غاية 2022 حوالي 48,22 بالمائة حسب معطيات رسمية.
هذا وتلعب وحدة الوطنية لطبقة الأوزون بالوكالة الوطنية لحماية المحيط دورا هاما في تنفيذ البرامج ومخططات العمل من أجل تحقيق الأهداف الرامية إلى الانتقال الى تبريد مستدام صديق المناخ يعتمد على تقنيات وتجهيزات تحفظ المحيط وتحمي التقني .
كما تقوم الوحدة الوطنية لطبقة الأوزون بسلسلة من التدريب والتكوين التقنيين والفنيين والمهنيين لترسيخ ثقافة التبريد المستدام و التوعية والتحسيس بضرورة الانخراط في هذه المنظومة التقليص من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون و لضمان الامن الغذائي
هذا وقد انتهت الوحدة من إعداد الإطار القانوني الخاص بإدراج قرارات و أوامر لتأسيس نظام الأشهاد للتصدير والتوريد لمبردات التبريد المطابقة البرتوكول مونتريال وتعديل كيغالي. إلى جانب إدراج قرارات قانونية أخرى تقضي لتأسيس منظومة الأشهاد للمؤسسات والشركات الصناعية في مجال التبريد والتكييف وغيرها من القرارات الأخرى.
يشار إلى أن الوحدة الوطنية لطبقة الأوزون بوكالة الوطنية لحماية المحيط قد احتفلت باليوم العالمي للتبريد الذي يحمل شعار التبريد من أجل جيل جديد المستقبل بين أيدينا والذي يتزامن 26 جوان من كل سنة مثل باقي الدول الأخرى.