ملف خاص: الانتقال الطاقي في عيون الخبراء “تشخيص واستشراف”

مثلت التغيرات المناخية في بلادنا محور اهتمام السياسة الوطنية حيث تم العمل على التصدي لهذه الظاهرة منذ سنوات وخاصة بعد مصادقتها على الاتفاقية الاطارية المتحدة حول التغيرات المناخية واتفاقية باريس. ففي ٬2015 تولت بلادنا اعداد مساهمتها المحددة وطنيا تضمنت فيها أولا: التخفيف من كثافة الكربون على المستوى الوطني ب41 بالمائة في أفق 2030 مقارنة بسنة 2010 وذلك من خلال العمل على الانتقال الطاقي وتحسين  النجاعة الطاقية و التوجه نحو الطاقات المتجددة . ثانيا: التأقلم مع التغيرات المناخية وضبط برامج لقطاعات أكثر هشاشة للتغيرات المناخية كالفلاحة والصناعة والصحة.
في هذا الاطار، و لمعرفة ماهية الانتقال الطاقي ومختلف المسائل المتعلقة به،التقت البيئة نيوز بالخبير الدولي في الطاقة، عبد الكريم غزال,  وأجرت معه الحوار التالي.

1)    في البداية لو  لماذا نتحدث اليوم عن  الانتقال الطاقي؟في السنوات الأخيرة ، استفاق العالم إلى تدهوركوكب الأرض وظهور الأوبئة وتعدد الظواهر الطبيعية كتغير المناخ وما تبعه من تصحر وفياضانات وزلازل واختلال النظم الغذائية والايكولوجية والبيئية  ونقص الموارد المائية جراء انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الذي تخلفه المحروقات الطاقية المتأتية من الفحم الحجري و البترول و النفط والغاز الطبيعي.
في هذا السياق ولحماية كوكب الأرض و حفظ صحة الإنسان وضمانا للأمن الغذائي والمائي  على المخزون الطبيعي، تعين على كل السياسات الاقتصادية في العالم المراجعة وإدراج الجانب البيئي  كشرط أساسي من خلال التخفيف في الانبعاثات الغازية والتحول إلى اقتصاد أخضر وبيئة سليمة وبالتالي الانتقال الطاقي.

وهنا ظهرت مفاهيم جديدة على غرار NDC” التي يقصد بها بالمساهمات المحددة وطنيا الالية الرسمية المعتمدة من طرف امانة الاتفاقية الاطارية للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية. حيث يشترط  على كل دولة  تحديد التزاماتها وفقا لاتفاقية باريس التي تم إقرارها منذ عام 2015 في الدورة الحادية عشر لمؤتمر المناخ. ويتمثل ذلك في الحد من ارتفاع معدل درجات الحرارة ال 1،5  درجة مئوية. وذلك عبر  التخفيف من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتحقيق التوازن بين كمية الانبعاثات الناتجة عن احتراق الوقود الاحفوري والكمية المكافئة التي يتم امتصاصها او عزلها٬  والتأقلم مع تأثيرات التغير المناخي عبر تركيز منوال اقتصادي  جديد يحترم البيئة.

بالتالي بات ضروري التحول إلى منوال طاقي نظيف يحترم المعايير البيئية ويساهم في التنمية المستدامة . وهو ما  نقصد به  الانتقال الطاقي.

2)    الانتقال الطاقي يساوي  صفر كربون. لوتوضحون لنا هذه المعادلة؟

هذا صحيح كل دول العالم اليوم اتفقت على الحياد الكربون في جميع برامجها  وخططها المستقبلية من خلال  استخدام طاقات نظيفة بمؤشر صفر كربون.  وهذا ما تعمل عليه تونس  أيضا منذ معبرة عن  التزامها في التخفيف من انبعاثات ثاني اكسيد الكربون والعمل بمؤشر صفر كربون في مختلف منتوجاتها.

ان المتأمل جيدا في الدراسات والبحوث الصادرة عن التغير المناخي يدرك  أن  الانتقال الطاقي   هو  الطريقة المثلى للتحول الى اقتصاد أخضر مستدام. ويمكن تفعيله من خلال التصرف الرشيد  في استغلال الطاقة وتحسين المعدات الكهربائية لتحقيق النجاعة الطاقية.

3)    كيف يمكن التحول الى أنماط جديدة لانتاج الطاقة؟

هناك العديد من الطرق التي تساعد على تغيير أنماط انتاج الطاقة، حيث يمكن استعمال تجهيزات متطورة لا تفرز انبعاثات غازية لكن كلفتها باهضة جدا. الى جانب ذلك يمكن إنتاج الطاقة الكهربائية باستخدام الرياح والشمس وهي طريقة أقل كلفة. ويمكن تخزين انتاجها هذه لتفادي  الاشكاليات المتعلقة بها كغياب الشمس والرياح. مع الاشارة الى أن عمليات التطوير لفائض إنتاج الطاقات المتجددة بصدد التطور في العالم خاصة على مستوى طاقة التخزين. وعلى سبيل المثال نذكر الأوكسجين الأخضر ووجود عديد التقنيات التي تعمل على تخزين الطاقات المتجددة.وفي غضون 2050 سيبلغ الإنتاج العالمي للطاقة 80 بالمائة من الطاقات المتجددة

بالاضافة الى ذلك، وتزامنا مع إنتاج الكهربائية باستخدام الطاقات المتجددة إضافة إلى تطوير وسائل الخزن. تم التوجه الى استعمال السيارات الكهربائية  الخالية من الغازات المضرة بالبيئة والمناخ.
نحن اليوم في ثورة طاقية حيث يوجد الانتاج الطاقي في كل مكان الأمر الذي يتطلب تطوير شبكة نقل الكهرباء لمواكبة التغيرات على مستوى الانتاج والاستهلاك وهو ما يساهم في انشاء المدينة الذكية.
لقد تطورت تقنيات استخراج المحروقات في السنوات الاخيرة, فالولايات المتحدة الامريكية تعد البلد الاكثر انتاجا حيث تملك دراسات وبحوث متطورة حول القطاع. في تونس بات ضروري تطوير الحقول للقيام بعمليات الاستكشاف والبحث لاننا على المدى القريب والمتوسط ستفوق نسبة استهلاك الطاقة نسبة الانتاجِ وهذا الأمر خطير وجب الاستعداد إليه وتحضير كل الإمكانيات لتطوير حصص الإنتاج.

البيئة نيوز- سعيدة الزمزمي