نزيهة بوسعيدي

قالت الاستاذة الجامعية والخبيرة في الموارد المائية روضة قفراج ان تونس تعيش تحت خط الفقر المائي وانه لابد من قانون استثنائي للحد من تفاقم الازمة . في هذا السياق اطلق المجتمع المدني التونسي صيحة فزع لانقاذ البلاد من ازمة المياه التي تعيشها بسبب شح الامطار من جهة وسوء التصرف في الموارد المائية من جهة اخرى.

لمعرفة تفاصيل هذه الاشكالية،  تحدثت البيئة نيوز  للاستاذة الجامعية والخبيرة في الموارد المائية والتغيرات المناخية روضة قفراج فقالت ان ازمة المياه هي قديمة جدا وتطورت اكثر بالتغيرات المناخية وبزيادة استعمال الماء وبسوء استعمال الموارد ولا اقصد ماء الحنفية فقط او مانسقي به الارض فسوء استعمال الماء يعني ايضا اتلاف المواد الغذائية والماكولات وهو ايضا اتلاف الموارد لان الفلاحة تستهلك في حدود 80بالمائة من الموارد المائية
واضافت ان هذه النسبة لا تروي الا 8بالمائة من الاراضي القابلة للزراعة يعني 92بالمائة من فلاحتنا لا تعيش الا بمياه الامطار اي زراعات بعلية وبالتالي غيابها يعد مشكلا كبيرا جدا على الفلاحة وعلى الامن الغذائي للبلاد.
اسباب متعددة لازمة الماء:
اوضحت الخبيرة ان اسباب ازمة المياه متعددة وتتعلق بالتغيرات المناخية ،سوء الاستعمال ، التبذير ،سوء استعمال الاغذية ، مشيرة الى ان المعهد الوطني للاستهلاك كشف في دراسة له سنة 2016 بان التونسيين يلقون ب 900الف خبزة في اليوم اي ان بلادا ليس فيها ماء ولاقمحا وتستورد بين 55و65بالمائة من حاجياتها منه يلقي شعبها بالاكل.
وذكرت ان القردة الذين يفتقرون إلى العقل يقبلون في سنوات الجفاف  على استهلاك بعض انواع النباتات والغلال للحد من الرغبة الجنسية وبالتالي الحد من الانجاب ونحن لدينا عقولا بينما نستهلك كميات مضاعفة من الحليب والبيض مثلا في رمضان وهو شهر صيام وعبادة .
واكدت انه يجب ترشيد الاستهلاك لان مشاكل الماء لا تعود فقط لقلة الماء بل متاتية ايضا من سوء استعمال الموارد اما للشرب او الري والكميات محدودة و الانسان للاسف اخذ كل الكميات ومنع الطبيعة من الموارد المائية
وذكرت انها زارت مؤخرا بحيرة اشكل فوجدتها في حال يرثى لها وهي محمية عالمية ولكن للاسف الدولة انشات ستة سدود للوديان المجاورة لها فتاثرت البحيرة لتسير نحو الاضمحلال بينما وجودها مهم جدا في التوازن الطبيعي لاننا نعلم جميعا ان الطبيعة في حاجة الى المياه العذبة تماما مثل التي يشربها الانسان.
واوضحت ان سوء استغلال الانسان للماء انجر عنه اختلال في الدورة المائية وان التغيرات المناخية عمقت من حدته اضافة الى وجود سياسة دولة خاطئة في التعامل مع هذه المعطيات لانه عندما لا تسمح للشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه “الصوناد” بعدم الزيادة في سعر الماء فان هذه الاخيرة لايمكن ان تغطي تكاليف انتاج الماء.
وافادت ان 1300مي هي كلفة المتر مكعب من الماء وفق الصوناد بينما تبيعها ب 940 مي فقط اي لديها خسارة ب340مي في المتر المكعب فكيف يمكنها ان تجدد القنوات ؟ وكيف يمكنها ان تقوم بصيانة معداتها لتفادي ضياع الماء وفي هذه الحالة الدولة مطالبة اما بدعمها ماديا او الزيادة في سعر الماء حت تستطيع تغطية خدماتها.
كما اشارت الخبيرة للى ان اهدار الماء يحدث ايضا في المناطق السقوية خاصة العمومية لان المناطق السقوية التي احدثتها الدولة منذ اكثر من عشرين سنة انتهت صلوحيتها وتحتاج الى الصيانة واعادة التهيئة باساليب تقنية جديدة لتفادي ضياع الماء وايضا المنشآت المائية التي تهتم بها الجمعيات المائية اصبحت متقادمة جدا وتحتاج الى الصيانة.
وتحدثت ايضا عن استعمال الموارد المائية بطرق عشوائية عن طريق الابار العميقة غير المسموح بها والتي تصل الى 10الاف بئر في محافظة قبلي لتنتفع بها التمور الموجهة للتصدير وحري بالدولة هنا ان تتدخل لاغلاق هذه الابار
وبالتالي وجب عليها اخراج الماء من مسؤولية وزارة قطاعية الا وهي وزارة الفلاحة لانها تهتم بالكثير من المسؤوليات بينما الماء امن قومي ويحتاج الى هيكل خاص يعتني به ووضع حد لسوء الحوكمة الموجودة خاصة من قبل الفلاحين الكبار وجبر اصحاب الابار على استعمال عدّاد مائي على غرار “الصوناد”
قانون استثنائي لوضع استثنائي:
وبخصوص مجلة المياه ومشروع مراجعتها قالت :” هناك من يرى ان مشكلتنا مرتبطة بمجلة المياه غير المجدية والتي يجب تغييرها وصحيح ان المجلة منذ 1975 عرفت بعض التحويرات سنة 1986وسنة 2001 ولكن لم تعد تفي بالحاجيات خاصة انها لم تذكر معطى التغيرات المناخية وتداعياتها والذي لم يكن مطروحا عند اصدارها ولكن توجد بعض الاوامر الترتيبية التي لم تصدر بعد وبالتالي تعيق تطبيقها.
واستدركت قائلة انه توجد عديد التجاوزات التي يجب الحد منها كحفر الابار العشوائية والري بمياه الحنفية لان الكثير من الفلاحين الكبار يشترونه من المنازل ثم يبيعون الخضر باسعار خيالية
واشارت الى ان هناك سياسة دولة خاطئة في التعامل مع الماء كمادة حياتية ومجلة المياه وجب تجديدها وتصحيحها لتتلاءم مع الوضع الحالي حيث يوجد نزيف كبير في استعمال الماء
واشارت الى ان رئيس الجمهورية سن قوانين استثنائية ونحن حاليا تحت خط الفقر المائي و نحتاج سنّ قانون استثنائي لوضع استثنائي لانه لدينا 21الف بئر عشوائي في حاجة الى التنظيم والتقنين لايقاف النزيف كما لدينا مشكلة تامين الغذاء لاننا لايمكن ان نستورد القمح الا بتصدير الزيت وهذا الاخير مرتبط بالمناخ وكلما نقصت الامطار نقص الانتاج.
وشبّهت الوضع المائي في تونس بالمريض الذي لديه مرض السكري والضغط والقلب وتعرض الى حادث مرور وعند تشخيصه يتم الاسراع اولا بوقف النزيف ثم النظر في بقية الامراض
وذكرت ان جميع الحلول التقنية لن تكون مجدية حاليا لاننا لم نجد حلال للمشاكل العميقة كاستنزاف الموارد المائية وغياب عدادات لكل انسان يستغل هذه الموارد وبيع المياه العذبة في الاحياء الشعبية بطريقة عشوائية في ظل صمت الامن .
وواصلت ارى ان مجلة المياه يمكن ان تكون قانونا استثنائيا لوضع استثنائي ولسائل ان يتساءل ماهي الاصلاحات التي يجب القيام بها حاليا حتى ننطلق في تنفيذ استراتيجية 2050 ؟ وماهي الاشياء التي هي من حقنا والاشياء غير المسموح بها ؟
وقدمت كمثال انقلترا التي اصدرت قانونين لمنع غسل السيارات وسقي الحدائق العمومية خلال السنة الماضية بسبب الجفاف وتراقب تطبيق هذه القوانين باستعمال الدرون بينما تونس لاندري ان كنا سنؤمن الماء الصالح للشراب من هنا الى غاية الصائفة ام لا؟
الحلول المقترحة :
وبالنسبة للحلول المقترحة قالت :” الحل الاول قانوني اي يجب وضع قانون استثنائي لهذا الوضع الاستثنائي واعلان حالة طوارئ مائي وحالة جفاف في البلاد حتى يحدد هذا القانون مسؤوليات الجميع من ادارة ومواطنين
وثانيا من الصعب تامين الماء الصالح للشراب دون تامين الماء للفلاحة لان التونسي يشرب وياكل وفي حال انعدام الموارد المائية الحل الوحيد يكمن في تحلية المياه وفي المغرب يقومون بتحلية مياه البحر وينتجون بها منتوجات فلاحية يمكن تصديرها او بيعها باسعار معقولة
واشارت الى ان الخوف من نقص الماء يدفع المواطنين الى تخزينه في اواني او في ماجل وهذا يؤدي الى حرمان الكثير من المواطنين من العدالة الاجتماعية خاصة سكان العمارات وبالتالي وجب حسن تقسيم الكميات الموجودة باستعمال بطاقة الشحن المائي وكلما زاد الاستهلاك تضاعف السعر وفي هذه الحالة يمكن ان نضمن حرصا على عدم الافراط في الاستهلاك مع الحرص على الصيانة لتجنب هدر الماء.

وخلصت الى ان الوضع الراهن يستوجب اعادة الحوكمة وادارة المياه واخراجها من وزارة الفلاحة كوزارة قطاعية والحد من ضياع الماء بكل انواعه في المنشات في الاكل كما يجب الترفيع في اسعار المياه والبحث عن المياه غير التقليدية التي لا يمكن ان تأتينا الا من تحلية مياه البحر والتكنولوجيا متوفرة كما يجب تثمين مياه الفيضانات وخزنها لا ستعمالها زمن الجفاف.
وذكرت ان وزارة الفلاحة وزعت مناشير على الفلاحين عن طريق مندوبياتها الجهوية وطلبت الغاء بعض الزراعات والتخفيض في مساحات البعض منها ولكن الفلاح لن يبق مكتوف الايدي بل سوف يستعمل اما ماء الحنفية او المياه المعالجة من محطات التطهير واستخدام المياه الملوثة مثلما حدث بولاية القصرين سنة 2017 لأن الفلاح لديه التزامات ومطالب بالانتاج لتغطية النفقات وفي غياب الدعم والتعويض من الدولة يقدم على المياه الملوثة التي تتسبب في كارثة صحية .