سعيدة الزمزمي 

يقال ان التغلب على التغير المناخي وارد لكن كيف ذلك والبشر مازالوا غير واعون بذلك رغم حدة خطره؟ ويقال أيضا ان حياة البشر ركيزتها توازن المنظومة البيولوجية وتجانس كل مكوناتها لكن كيف والبشر مازالوا لا يدركون معنى المنظومة البيولوجية او بالاحرى التنوع البيولوجي؟

ويقال كذلك ان التغير المناخي والتنوع البيولوجي في علاقة متوازية مع العدالة المناخية الاجتماعية لان كلاهما مرتبطان والتأثير عل بعضهما تأثيرا مباشر. في حين ان العدالة الاجتماعية والمناخية هي الفاصل بينهما لحماية حياة البشر.

عديدة هي التساؤلات التي يطرحها الكائن البشري اليوم امام ما يعيشه من كوارث طبيعية  كالجفاف ونقص المياه٬ والفيضانات والاعاصير وشدة الحرارة ونقص الغذاء و ظهور الأوبئة جراء التغير المناخي. مقارنة بالسلم الاجتماعي والبيئي والطبيعي الذي كان يعيشه في القديم حيث المصالحة مع الطبيعة وتوازن كل المنظومات البيولوجية إضافة ال وجود العدالة الاجتماعية في تقاسم الثروات والدخل والصحة والغذاء.

 ان المتأمل جيدا في التقارير الدولية والدراسات المحدثة في السنوات الأخيرة يتبين له جيدا حدة الخطر الذي يعيشه الانسان اليوم عل كوكب الأرض التي هي بالأساس أصبحت في خطر.  فاليوم ودون أي وقت مضى اصبحت السياسات الدولية تراهن في اولى أولوياتها على كيفية حماية الانسان من ظاهرة التغير المناخي لضمان بقائه عل كوكب الأرض من خلال توجهها في الاستراتيجيات الكبرى للمحافظة عل المنظومات البيولوجية والايكولوجية وضمان الامن الغذائي وترشيد الموارد المائية والتصدي للازمات والكوارث الطبيعية وتخزين الموارد الطبيعية للأجيال المقبلة. وهو يرنو ال تحقيق العدالة الاجتماعية والمناخية. في هذا الصدد٬ تم الاشتغال على التعريف بمفاهيم التغير المناخي والتنوع البيولوجي والعدالة المناخية والاجتماعية لمختلف الشرائح العمرية وبطرق اتصالية تقنية متعددة كإنتاجات الفيديوهات وصياغة الرسائل البسيطة والتدريبات والتكوين المستمر لنشر التوعية والتحسيس والتربية البيئية للأجيال المقبلة خاصة. 

مفاهيم ومصطلحات

يقصد بالتغير المناخي بالاضطرابات التي تشهدها الأرض   وارتفاع في درجة حرارة الكوكب، بسبب زيادة الغازات السامة التي تتكدس في الغلاف الجوي، والتي تؤثر مباشرة على انتظام حرارة الأرض وتعاقب وتوازن الظواهر البيئية. ويرجح الخبراء الى ان ارتفاع درجات حرارة الأرض هي ظاهرة طبيعية عرفتها الامم عبر التاريخ مثل ظاهرة الجفاف الحادة والفيضانات والامطار الطوفانية. لكن يعود التغير المناخي والتقلبات في السنوات الأخيرة ال النشاط الصناعي المكثف. وهنا نتطرق ال مفهوم العدالة الاجتماعية التي غابت تماما على دول العولمة التي خيرت تكديس الثروات ونهبها بصفة غير عادلة دون أي اعتبار لبقية الدول النامية.

لا جدال في الأثر المدمر للتغيرات المناخية، فقد شهدت الأرض خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين والعقد الأول من القرن الـ21 ظواهر مناخية لم تشهدها من قبل (براكين وفيضانات وأمطار غزيرة وأعاصير..) وتعتبر المنظومة البيئية والكائنات الحية والنباتات أكثر عرضة لهذه الظاهرة الطبيعية

ماذا يقصد بالعدالة الاجتماعية؟

العدالة الاجتماعية هي تلك الموضوعات التي تتعلق بالدخل في الأجور والحقوق في التعليم والصحة والسكن والغذاء. اما العدالة الاجتماعية المتعلقة بالتغير المناخي وتأثيراته فهي استغلال الثروات الطبيعية دون منازع واستنزافها  دون التفكير في الأجيال المقبلة. وهو ما جعل المنظمات الدولية ومنها منظمة الامم المتحدة تناشد بالكف عن الزيادة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والعودة ال الطبيعة وتحقيق العدالة الاجتماعية:  »إننا نسير بسرعة مروعة نحو كارثة مناخية«: »  إن البشرية تشن حربا على الطبيعة . وهذا انتحار والطبيعة دائما ترد – وهي ترد بالفعل بقوة وعنف متزايدين « . 

 العدالة الاجتماعية هي مصلح غائب بالأساس على منظوري الدول العظمى لما اقترفته من دمار لبقية سكان العالم وللكائنات الحيوانية والنباتية. في المقابل تتباين فرص التمويل الهائلة المتاحة للدول الكبرى في حين تغيب عن الدول النامية  الأكثر عرضة للتغير المناخي. وناخذ عل سبيل المثال٬ ضعف خزينة الصناديق المانحة للتمويل المناخي المرصودة للدول النامية وهذا ما أكدته بروتوكولات المؤتمرات الدولية في المفاوضات والنقاشات. 

ما هو التنوع البيولوجي

التنوع البيولوجي هو كل ما تحمله الأرض من مكونات حية ونباتات ونظم ايكولوجية والجينات وهو ما يحدث تناغما وتجانسا فيما بعضهم البعض. هذه الشبكة المعقدة والمترابطة التي يطلق عليها بمنظومة التنوع البيولوجي تساهم بطرق قد لا تكون مرئية للعين في استمرارية الحياة لانها توفر جميع أشكال الحياة على الأرض وتحت سطح الماء. 

“التنوع البيولوجي هو ضرورة لضمان امننا الغذائي” التنوع البيولوجي هو ضرورة لتحقيق التنمية المستدامة” و” لا خيار لنا سوى المحافظة عليه لضمان حياتنا ” هكذا طالبت منظمات  المجتمع المدني بتونس و الحركات النسائية الناشطة في المجال البيئي للمطالبة بالحفاظ على التنوع البيولوجي وتحقيق العدالة الاجتماعية من اجل البقاء عل كوكب الأرض. هذه المطالب رافقتها عمل المؤسسات المعنية من وزارات ٬ وهياكل اشراف٬ حيث فرضت وزارة البيئة ادراج منظومة التنوع البيولوجي ضمن المنوال الاقتصادي والتنموي لتحقيق العدالة الاجتماعية السلم الاجتماعي والعدالة المناخية. فتزامنا مع اليوم العالمي للبيئة الذي حمل شعاره في السنة الفارطة  التنوع البيولوجي هو الحل٬ عملت مختلف الهياكل التونسية عل التوعية والتحسيس والمناصرة بقضية حماية التنوع البيولوجي كمحور ضامن للحياة.

من جهتها طالبت منظمة الامم المتحدة في نفس السنة كل الحكومات الدولية وكل الهياكل والأطراف الناشطة في المجال البيئي وكل القطاعات المتداخلة الى ضرورة ضبط برامج وخطط عملية للحفاظ عل منظومة التنوع البيولوجي لضمان التنمية المستدامة للأجيال المقبلة ولمواصلة استمرارية الحياة على كوكب الأرض. للتذكير فان اتفاقية التنوع البيولوجي تعترف بأهمية التنوع البيولوجي لكوكب سليم وتدعم كل المبادرات والبرامج والمنصات المهتمة بشان النظم البيولوجية.

كيف يدرك الأطفال مفاهيم التغير المناخي والتنوع البيولوجي؟ 

يعتبر الأطفال الشريحة الأكثر استهدافا من مسالة تأثير التغير المناخي عل التنوع البيولوجي٬ باعتبارهم يمثلون فئة الأجيال المقبلة التي تم استغلال ثراوتهم الطبيعية والتي تنضوي تحت غياب العدالة الاجتماعية والمناخية. بالتالي لمعرفة كيفية ادراك هذه الشريحة  لهذه المسالة يفترض صياغة رسائل تبسيطية في شكل فيديوهات قصيرة توعوية تستجيب لحاجيات الطفل.