البيئة نيوز
ألقى المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في دراسة بعنوان ” التغيرات المناخية في تونس : الواقع وسبل التكيّف في قطاع الخدمات العامة” ، الضوء على تأثير تغير المناخ على تونس، مبرزا آثاره المباشرة و غير المباشرة على عدد من القطاعات الإنتاجية.. و قد أشارت الباحثة ومنسقة قسم العدالة البيئية بالمنتدى إيناس لبيض ، في الدراسة التي أعدتها ، إلى أنّ تونس تعهّدت بالقيام بالحدّ من انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون بنسبة 41 بالمائة عام 2030 مقارنة بعام 2010 ، وزيادة حصّة المصادر المتجدّدة في إنتاج الطاقة إلى 30 بالمائة لنفس الفترة. لكن في الواقع، لا تزال موارد الطاقة الأوّليّة في تونس يهيمن عليها إنتاج الطاقة الأحفوريّة (النّفط والغاز الطبيعي ) اللذين يساهمان بنسبة 86 بالمائة من جميع موارد الطاقة مقابل حصّة متواضعة للغاية للطاقات المتجدّدة لا تتجاوز 1 بالمائة. الأمر الذي يفسّر إلى حدّ كبير الزيادة المستمرة في إجماليّ انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والتي ارتفعت من 29 مليون طنّ CO2في عام 1994 إلى 46.6 مليون طنّ CO2في عام 2012، أي بمتوسّط زيادة بلغ 2.7 بالمائة سنويّا.
تعدّ التحديات الاقتصادية ( تخفيض اعتمادات الطاقة وخلق فرص العمل)، والاجتماعيّة (الصحة والتعليم والزراعة، …) لهذا القطاع من القضايا التي تضاف إلى تحدياته المناخيّة المتمثلة في تقليص الانبعاثات، ومكافحة الاحتباس الحراريّ ، لتُضفي عليه أهمّية حاسمة، ولجعل الانتقال إلى الطاقات المتجددة أمرا ضروريا لا غنى عنه.
ويتضمن التكيف مع تغير المناخ إجراء انتقال عادل للطاقة وتسخير الإمكانات العظيمة لمصادر الطاقة النظيفة. ولمواجهة العجز في ميزان الطاقة الأولية، اعتمدت تونس إستراتيجية انتقاليّة للطاقة تقوم على ترشيد استخدام الطاقة بهدف تقليص استهلاكها الأساسي للطاقة بنسبة 30 بالمائة بحلول عام 2030 و سياسة لتنويع مزيج الطاقة الذي يعتمد بشكل أساسي على تطوير الطاقات المتجددة.
يشمل التّخفيف من الانبعاثات والتّكيّف مع تغيّر المناخ في قطاع الطاقة في المقام الأوّل، تقليل استخدام الموارد الأحفوريّة لإنتاج الطاقة، وتقليص الانبعاثات في القطاعات الملوّثة الأخرى. ذلك أنّ التحول لإنتاج الطاقات المتجدّدة لم يعد خيارًا في حد ذاته، بل إنّ تأثيرات تغيّر المناخ في تونس موجودة بالفعل في حين أنّ الالتزام بالجهود الدولية للحدّ من هذه الانبعاثات لا يزال منخفضًا جدا مقارنة بحجم المخاطر.
وبالإضافة إلى ذلك، ينطوي الانتقال الطاقي على أثر ذو بعدين وجب أخذه بعين الاعتبار: اقتصادي يسمح بخفض فاتورة الطاقة وخلق فرص عمل في قطاع الطاقةالمتجدّدة ، و بيئيّ يعمل على الحدّ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، العامل الرئيسي في ظاهرة الاحتباس الحراري.
وعلى الرغم من المساهمة المنخفضة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالميّة التي لا تتجاوز 0.07 بالمائة، فإنّ تونس ملتزمة بتقليص انبعاثات الكربون بنسبة 41 بالمائة بحلول عام 2030 .
إنّ إبراز تأثيرات الاحتباس الحراري على مختلف القطاعات الإنتاجيّة يتطلب تنويع مصادر الطاقة و زيادة حصّة الطاقات المتجدّدة في مزيج الطاقة التونسي. وللقيام بذلك، يجب تحسين تثمين الإمكانات الكبيرة للطاقة الشمسيّة وطاقة الرياح من أجل الاقتراب قدر الإمكان من توازن الميزان الطاقي وبالتالي توازن الميزان التجاري. كما يجب أيضا إدراج الأمن الطاقي والسّيادة الطاقيّة ضمن الأهداف الرّئيسية لصانعي القرار ومشغلي الطاقة من خلال تحديد أهداف تشغيليّة تعتمد على التواصل مع القوى النّقابية والمجتمع المدني والأوساط السياسية من أجل تسريع العملية، والسّماح بتكيّف أفضل مع تأثيرات تغيّر المناخ.